فتى الريف
- Writer Shifa
- 21 مايو 2021
- 1 دقيقة قراءة
في هدأة الليل وسكينته بعيدا عن صخب المدينة، على الزاوية الشرقية من حي مهجور، بيت عائلتي الطيني الصغير.. الساعة تجاوزت الثامنة بقليل، وبدأ النسيم الشمالي العليل بمواساة أرواحنا، أراقب أمي وهي تُعِد العشاء، أختي التي تُطعم الهرة، أما أنا فـكنتُ الصبي الأصغر الذي يلعب هنا وهناك، تارة بجانب أمي وتارة أخرى مع قطتي.. نحن أبناء الريف، يبتدئ يومنا بصرخة مدوية من ديك منزلنا، يُوقظنا شعاع الشمس الذهبي المتسلل من نوافذنا، نحن أبناء السكون، نراقب الشروق والغروب، السماء ولون الغيوم، نغمر الأزهار بالماء مع بزوغِ الفجر، نختلس النظر من أعالي الشرفة، نراقب المارة، يُبهجنا المطر، نتبلل ونضحك بملئ أرواحنا وترقص قلوبنا فرحا.. بُسطاء جدا، نحتفل بـكوب الشاي الدافئ المُعَد على الموقد الصغير، نسافر بخيالنا إلى شاطئ الأحلام ونعزف الأمنيات تحت ضوء القمر.. وحين تسألنا عن حالنا، نُجيب بـ : ربما لسنا بخير، ولكننا نتعافى بصوت أمي، بزقزقة العصافير، بالأراضي الخضراء ومزرعة جدي، بالرقص تحت المطر، إننا نتعافى بالحياة من حولنا.. لا البيت الطيني، ولا جرة الفخار، ولا صرير الحشرات وأسراب الفئران، الكراسي والطاولات المهترئة، ولا المياه المتسربة من جدار منزلنا المتشقق قادرة على نزع الحياة من أرواحنا.. فـأريكة هذا المنزل، احتضنت روحي مرات عديدة، كما لا يمكن لأحد أن يفعل ذلك من أجلي، وصادقتُ الجرذان حتى ما عدتُ أخشاها كالسابق، وراقبتُ قطرات المطر المتعانقة أسفل النافذة،وما زلت أردد "أنا فتى الريف المتصالح مع الحياة، فسلام للريف وساكنيه " .
تعليقات